مونودراما ((أسلاك شائكة ((
تأليف:-عباس عبد الغنـــي.
..........................................
ملاحظة:- لا يسمح باقتباس أو إخراج النص دون موافقة خطية من المؤلف رجاءً
..........................................................
المسرح عبارة عن كومة من الأسلاك الشائكة التي ملئت فضاءه. توجد في مقدمة المسرح بعض الأكياس التي تستخدم للسواتر الحربية كما توجد أجزاء لأشخاص وأطفال معلقة على الأسلاك.
تفتح الستارة على رجل يحمل عصاً بيده وقد أدار ظهره للجمهور. موسيقى وصور بالشاشة السينمائية تظهر الرجل نفسه وهو على سطح إحدى البنايات حيث يؤشر بعصاه للطيور.. ينتهي العرض ليسقط بعدها ، ينهض ومن ثم يبدأ بتلمس الأشياء التي في المسرح والتي علقت على الأسلاك الشائكة , فمرة يتلمس عجلة لطفل ومرة أخرى يتلمس يشماغاً. انفجار يهز المسرح، يسقط فيناديه صوت من بعيد.
الرجل: ( من داخل الأسلاك في اليسار ) ماذا أرى ؟ أين حقيبتي؟ أين أشيائي التي أحاكيها كل يوم؟، أين مسرحي الذي امثل فيه مشاهدي الحزينة والسعيدة؟ .... جاهدي أيتها النفس , وصوني نفسك, حافظ أيها الإنسان على مبادئك فالموقف لايحتمل .أصوات أصبحت من صلب حياتنا ويقيننا وواقعنا, أصوات دوت داخل عقلنا ففجرت فينا كل مكامن الحزن وأزاحت الفرح الذي لملمنا .
صوت معدات حربية ودبابات تسير يتصاعد الإيقاع مع الحوار، فجأةً تضاء بقعة ضوء أحمر على مكان في مقدمة المسرح يخرج من الأسلاك، يتقدم تجاه مقدمة المسرح التي تشغلها كتلة من الأسلاك.
صوت : قف... أمامك أسلاك شائكة . لا تتقدم ... أسلاك شائكة مليئة بالموت .
الرجل:. (مع نفسه)هل دخلت منطقة محظورة فالطريق هنا مغلق، لأن المكان مليء بالأرتال والدبابات( صوت دبابة).
صوت: عليك أن تجد طريقاً بديلاً تسلكه وإلا قضيت اليوم كله تراوح مكانك.
الرجل: (يضحك باستغراب) هل أغلقوا هذا الطريق أيضاً، أنا لم أعهده مغلقا من قبل؟
فكل الطرق تؤدي إلى أسلاك شائكة، والأسلاك تجعلك تقف لأنها تنذر بأن الطريق مغلق، والطريق المغلق ينذر بان أسلاكا شائكة تنتظرك .منذ خروجي صباحاً كنت على يقين أن يومي لن يكون عادياًففي طريقي إلى الكلية حدث انفجار مهول على مقربة من السيارة التي كنت فيها وقد رأيت أشلاء تتطاير بالهواء وهلعت من هول المنظر , وبعدها تم غلق الطريق فتركت السيارة واتخذت طريقا آخر مشياً على الأقدام إلى أن وصلت الكلية منهكاً .فأنا محظوظ إذ أنني لم أكن لحظة الانفجار في المكان المفجع. .
لماذا كل هذا الدمار؟.(يضحك), جسدي أسلاك شائكة، في بيتي أسلاك شائكة في الشوارع وأي مكان وأي مكان نسير فيه أصبح محظوراً. كلما سرت في شارع يقال ليأنت في منطقة محظورة وليس لك الحق بالسير في الشوارع... لأن هذه الشوارع أصبحت حقا للمحتل الذي يمتلك الحق في السير فيها الآن، واعلم أنهم لو شاهدوك الآن فأنهم سيرمونك بالرصاص.(صوت انفجارات..تسقط حقيبته منه ويخرج منها بعض الأشياء الخاصة بأطفاله) العاب مراجيح أليس هذا شارعاً عاماً يمر فيه المشاة ؟ أليس هذه إشارة إلى أن هناك في نهاية الشارع مدرسة ابتدائية يصلها الأطفال عبر هذا الشارع؟ ألم يكن الأطفال يلعبون ويترعون ؟ (صوت لأطفال يلعبون أصوات متداخلة )كنت احمله بيدي هاتين واذهب به إلى الملجأ حيث أظن المكان أكثر أمناً ...نعم فاغلب الظن أن الطائرات تعلم أن المكان فيه أناس مدنيون ولن يُقصف في أي حال من الأحوال وبالتالي جاءت العوائل من كل مكان في الحي و الأحياء المجاورة وبدأت تؤمن أطفالها في الملجأ لكنها لم تعلم إنها بدأت بفعل يجعل فلذات أكبادها يدنون من الموت شيئا فشيئا.. وفي فجر احد الأيام التي لن تنسى وقعت الواقعة وقُصف الملجأ فالتهمت نيران العدو كل الطيور التي احتمت في الملجأ الذي غنى لهم كل ليلة (صمت).لقد فقدته هو وأمه في ليلة واحدة..لكني كنت كل يوم اذهب إلى مكان الحادث وأنادي بأعلى صوتي أيتها الطيور التي احتمت في جحور الألم هربا من شيطان الموت فوجدت الألم موتاً اشد من كل الآم الأرض..يا ثمار الحرية التي أبت أن يقيدها الهواء العكر, لم انطلقتِ وتركتِ أباكِ في جوه المقيت المؤلم ؟..أصبحت ابكي لثلاثة أيام وليالي بشكل متواصل حتى أن الحزن يحاكيني ويقول لي:- كف عن التفكير بهم. هل رأيتم أحدا يتحدث مع حزنه؟ .....نعم انه أنا أصبح الألم ينفجر بداخلي من شدة التفكير بهم ولكن الدموع تأبى أن تغسل عيناي فعلمت أن دموعي جفت هي الأخرى كدماء طيوري التي جفت من نيران الملجأ ثم تراني بعدها اجلس القرفصاء في شارع الحي , ذلك الشارع الذي كان يغص بالأطفال, والمدرسة التي بجوار الشارع تملؤها أصوات الصبية الذين يركضون ويمرحون , يلعبون ويركضون , يضحكون ويبكون, الشارع كان يعج بالأطفال بنشيدهم الفردوسي الذي ارتدى سيمفونية الشفافية بكل ماحمله معنى الطفل والطفولة . واليوم أصبح الشارع خاوياً على عروشه، أصبح شارع الأشباح بعد أن كان شارع الملائكة، لقد خطفت صواريخهم طيور الجنة في هذا الشارع وأحالته إلى دمار، وهذا ما جعلني اجلس كل يوم وأتمعن في هذا الشارع.لكني أقسمت أن لاايأس بل احتضنت الأرض وقبلتها وأنجبت منها أطفالا آخرين فالحياة يجب أن تستمر, وعلى الأطفال رغم ما يلاقونه أن يستمروا في لعبهم.
((صوت موسيقى وصور في الشاشة السينمائية تعرض صور لأطفال يعانون من الاحتلال.))
مأساة تلو المأساة تعانيها ياوطني وهذه الوحوش التي تحصد كل يوم المزيد من الأنفس البريئة التي لاذنب لها سوى إنها دخلت في مناطق محظورة.(يضحك) وأي مكان يخلو منها اليوم؟(يخفض صوته)لكن هذا طريق عام وقد يمر الأطفال بعد ساعات من هنا سأتجه صوب الرتل وألوح لهم بعصاي وطيوري لعلهم يتفهمون إنني لا أعاديهم بل اطلب منه شيئا.فالطيور رمز للسلام .
صوت :- (يضحك) ألست من هذا البلد أم انك تستغفل نفسك، ارجع وإلا جعلوا منك ركاماً منثوراً ارجع ولاتكن كعلي المراسل الذي افترسته قوات الاحتلال لمجرد انه أراد أن ينقل الحقيقة وكان بعيدا عن الرتل، ارجع ولاتكن كمن سبقوك فتصبح صوتاً يملاْ الأثير, ارجع ولاتكن كأطوار بهجت التي حاكت الألم الذي اصابها جراء الجروح التي لم تندمل لبلدها ,فجعلوا منها جثة هامدة التهمتها كلاب البراري المتوحشة,أطوار تلك الفتاة البريئة المليئة بالحزن , المليئة بالفرح , المليئة بالحب.
(يذرع المسرع جيئة وذهابا) ما عليَ أن أبقى هنا ... أنا مهدد، لقد هددوني بالخطف وخصوصاً إنني اُدَرِسُ المسرح،ولي هواية مميزة بامتلاكي لسرب من الطيور قل نظيره في المحلة , هددوني عندما مثلت مسرحية ناهضت بها الاحتلال, وهددوني عندما صبغت طيوري البيضاء باللون السود وجعلتها تشق عنان السماء في يوم سقوط بغداد نعم أنا مهدد.( يمثل احد شخصياته المحببة)الم تكوني ياطيور المحبة بيرقاً وعلامة مضيئة لكل من جعل من جسده عنواناً للمحبة الصماء , المحبة التي فقدت صمتها وأعلنت الحداد في يوم صمت فيه كل غيور ولملم فيه كل مجروح جراحه واستمرت فيه أصوات النساء الثكالى في النياح فرحا لفقدها محبوبها , ابنها زوجها , أرأيتم نياحا من الفرح ,هذا ماحدث وهذا ما سجلته ذاكرة الأيام هنا في بلد الرشيد , بلد الرشيد ...
(متعباً وهو يتلمس مكاناً ليستقر ) هل تتلون الغيوم بلون الدم ؟ أم هي العاصفة ؟
(يسمع دوي أنفجارات بعيدة) , ما هذه الأصوات ؟
صوت: هذا أنين الموتى.
الرجل: أما آن للموتى أن يكفوا عن أنينهم ؟؟(بصوت مرتفع) قتلى... مهجرون لاجئون...قطع آدمية ملقاة في النفايات, حواجز كونكريتية ؟, أسلاك شائكة في كل مكان ,لم يقل لنا التاريخ أن الاستعمار كان بهذه البشاعة، لم يفعل المغول ببغداد مافعلوه هم الآن، هل صدروا لنا ديمقراطيتهم السمجة ليجعلوا الأخ يقتل أخاه في سبيل الانتماء؟، (يقترب من الأسلاك في مقدمة المسرح) دمٌ ... صراخٌ... عويل... صار الموتُ لعبة... أرضُ وطني ملأتها الدماء ,أرض وطني الطافية على انهار من البترول جعلت مواطنها لايجد ما يحميه من برد الشتاء فيُضطر أن يتلفلف بلحاف الكبرياء ويغطي جسده بها ويسكت أنين طفله بكوب من الماء المحلى بالسكر حتى يحميه من ركام الأشلاء المتطايرة وأصوات العويل وتنهدات النساء الباكيات طوال الليل.وهذا ما جعلنا نعاني.لقد أصبحت يا وطني فريسة سهلة فالتهمتك الضباع من كل الأطراف لكنك صمدت ولم تنثني عزيمتك فتحت جناحك وحضنت أبناءك بأشلائهم وجثثهم وانتماءاتهم لتغني لهم في ليلة العيد أي شيء في العيد اهدي لكم يا ملائكتي؟(يجوب المسرح)
الرجل :- ( يقترب من الأسلاك) من نسج هذه الفتنة الخبيثة في ارض بلدي؟ ( مشيراً إلى الأسلاك).من جعل من الأخ يمقت أخاه في سبيل القومية ؟من حطم صمت الأرض فباحت بمآسيها للأجنبي ,من من؟؟ من ذا الذي يجرؤ على أن يفعل كل هذا ولماذا ؟(يقترب من الأسلاك).
صوت: لا تقترب فقد تكون الأسلاك نفسها فخاً وضعه المحتل لينال ممن يتجرأ على أن يقتحم مكاناً هم وحدهم لهم الحق في دخوله .
الرجل:- الأسلاك في كل مكان ،علي أن أكتشفَ لماذا تفتح الأسلاك الشائكة أمامهم ولايمكن أن تفتح أمام المواطن ؟ عليَ أن أستجمع قواي فأنا أملك القوة لإنهاء الموقف. فليس لنا إلا هذا الوطن، إن سالت الدماء أو جفت، تبقى الأرض من تحتضنُ ذلك، تلك أرضنا سواء غلفت بأسلاك شائكة أو حوطت بجدران إسمنتية و ملأتها السيارات المفخخة، هو وطننا عليه تربينا وفيه ذقنا طعم المرارة والحلاوة، من نخيله تعلمنا الصبر والمكابرة ومن شمسه تعلمنا أن النفس تأبى الرضوخ إلا لخالقها.. أسلاك شائكة في الشارع وأسلاك شائكة في البيت والمدرسة والجامعة وأسلاك هنا (مشيرا إلى رأسه).ويمكن أن تنفجر هذه الأسلاك في أية لحظة.وعندها ستستنشق رائحة الدماء التي فاحت في بلدنا.
لكن ٍ رائحةُ الدم تُخيفني.(يضحك باستغراب) وهل يكون الوطن وطناً بلا الم وقتلى ودماء.
هناك رائحة دم تفوح من تلك الأسلاك ) مشيراً إلى الأسلاك وهو يشم الرائحة)، يا لهذه الأقدارٌ..أقدارٌ.... أقدارٌ...رائحة الموت تُرعبني ...هم يهددوني بالخطف وبقائي هنا فيه خطرٌ على حياتي مزقونا جعلوا حياتنا أشلاءاً متناثرة (يلتفت إلى الأشياء العالقة بالأسلاك) كالأشياء المعلقة هنا إنها لثلاثة إخوة قضوا نحبهم لالشيء إلا لأنهم أرادوا أن يجتازوا الأسلاك ليصلوا إلى مدرستهم وكانت أمهم برفقتهم ولم يكن إلا أن مزقتهم هذه الأسلاك الشائكة التي كانت مكهربة فأحرقتهم وارتفعت أرواح الأخوة الثلاثة إلى السماء , وأمهم المسكينة تأتي إلى هذا المكان كل يوم في المساء وتتكلم مع أبناءها:-" ياحيدر هل ذاكرت جيداً ؟ غدا عندك امتحان وأنت يا مصطفى ماذا فعلت بدراجتك هل أصلحتها؟ أم ستترك الموضوع كالعادة لشقيقك عثمان؟ثم عندما تطمئن عليهم تغن لهم أغنية النوم المعتادة كل ليلة وتقول (صمت ).لكن تكلمهم وهم في مخيلتها وليس أمامها إلا الأسلاك نعم الأسلاك التي افترست أرواحهم .وأصبح الجميع يعلم أن أم حيدر ومصطفى وعثمان تأتي كل يوم في المساء وتتحدث مع أولادها الثلاثة الذين فقدتهم, ولاترحل إلا عندما تطمئن أنهم قد خلدوا إلى النوم .كالكثير من أبناء هذا الوطن خلدوا إلى نوم عميق فأصبحوا ينادونا من بعيد:- هي يا من لم تأخذكم سنة النوم بعد , هبوا هبوا بوجه كل من جعلنا في هذا الموقف ثوروا على الموقف وعلى من صنعه لاتستسلموا جاهدوا بأنفسكم وبما تملكون وان كنتم تخشون أحدا فبقلبكم فبقلبكم فقلبكم فقلبكم ...... وهو اضعف الأيمان.لاتصرخ ياوطني لملم جراحك يا أبا الرافدين لملم جراحك , لاتصرخ واصمد كما صمدت كثيرا وصبرت على الشدائد دائما فكنت رحماً تحتضن كل مكروه وكل مبعد وكل لاجئ وكل غريب وأصبحت الآن تلفظ أبناءك إلى ظل بعيد. أبناءك يريدون أن يلملموا أنفسهم ويلتحفوا بلحافك, ارجع لهم واحتضنهم من جديد, فهم هزوا جذع نخيلك فتساقط منك رطبا جنيا فأكلوه وشربوا من فراتك ماءً عذباً ارجع يا أبا الخالدين دجلة والفرات ارجع يا أبا الخالدين دجلة والفرات , ارجع ونحن معك سنكون سندك وسنطرد من احتلك ارجع ارجع
(صوت انفجار) (يحاول أن يجد مخبأً له يركض باتجاه يمين المسرح ثم يساره ويسقط) الرجل:- متى تكفكف دموعك يا وطني؟، ما هذا.. أين هذا ؟!
) تعرض صور بالشاشة السينمائية لمذيع ومذيعة بالتناوب (
المذيع :- أكد مراسلنا أن انفجاراً قوياً هز العاصمة بغداد.
المذيعة:- انفجرت سيارة مفخخة صباح اليوم في مدينة الموصل.
المذيع:- وكانت السيارة المفخخة التي انفجرت بعد ظهر اليوم في البصرة قد أودت بحياة عشرات المدنيين.
المذيعة:- أكد مصدر إعلامي أن العبوة الناسفة زرعت بجنب مدرسة ابتدائية وكانت حصيلة الانفجار سبعة وثلاثون طفلاً، عشرون منهم لقوا حتفهم والباقون إصابتهم خطيرة وبين القتلى ثلاث نساء.
الرجل:- مدرسة ابتدائية؟، ماذا؟، (يُخرج الموبايل من جيبه) الو الو (لااحد يجيب) (يرمي الموبايل أرضا)
صوت : نعم, نحن آسفون إذ ننقل لك خبر انضمام طفلك وزوجتك لقافلتنا, قافلتنا التي ينضم إليها العشرات كل يوم قافلتنا التي أصبحت من أكثر القوافل عددا هنا في أرضكم , بكل أسى انقل لك خبر انضمام عائلتك لأسرتنا .
الرجل : ماذا ؟ ماذا تقول ؟ أرجوك وضح لي؟أية قافلة تتحدث عنها ؟.ومن انتم؟
صوت: نحن أناس حصدتنا آلة الحرب التي حصدت الكثير دوننا. وأصبحنا صوتا يملأ أثير الوطن في البقعة التي افترقت فيها أرواحنا عن أجسادنا.وها نحن نبث صوتنا في أثير هذه السماء الملتهبة بنار الويلات والباكية على دم الإنسان الذي يراق كل يوم بلا سبب.
الرجل:-(يلتفت حول نفسه في أرجاء المسرح) أرجوكم.
صوت:- لقد انضم إلى قافلتنا طفل وامرأة فالمكان لم يعد يسع في الأثير الذي بجوارنا.
الرجل :- وهل بإمكانكم الحديث مع بعضكم البعض؟
صوت:-بالطبع.
الرجل:- (صمت) يا أحمد يامن لم تهنأ وأنت جنين ولم تهنأ وأنت مولود يا طفلي الصغير , يا فاطمة يا قطعة من قلبي يا صفاء السماء في الصيف ويا دمعة المطر في الشتاء يا لؤلؤة لم تنطفئ.. اغادرتك الأيام ؟ كما غادرت أخويكم في العامرية؟.افترستكم آلة الدمار البشعة بكل ماتحمله من قسوة , فتتت أجسادكم فالتقت أرواحكم وابتسمت للقاء الأحبة.. (يدور حول نفسه مع الموسيقى) لملموا أغانيكم الحزينة يا أحبتي , اطرحوا سيمفونيات ألمكم جانباً ,,(صمت) سلاماً لك يا أبا نؤاس,, سلاماً لك يا اباجعفر المنصور, أحييك بتحية الكبرياء يا نُصب الحرية الشامخ أيها النُصب المقيد بسلاسل من حديد ,قيدوك وأرهبوك بطائراتهم التي لاتدركها الأعين ,, (صمت) أصرخ بأعلى صوتك ,واحتج يارصافي احتج بأشعارك يا سياب واجعل دجلة والفرات الباكيان يعودان من جديد , سلاماً لكِ يابغداد المتضمخة بدموع الملايين سلاماً للبصرة والعشار سلاماً للموصل الحدباء سلاماً لك سلاماً يا وطن (يتقدم جهة الأسلاك ) سأجتاز واجعل من جسدي ناراً تلتهم أسلاكهم الشائكة التي مزقت لحظاتنا الجميلة .
صوت:- أحذر يا أخي ما الذي تفعله؟
صوت المرأة:-إني أرى رتلاً يتقدم صوبك.
صوت طفل:- لقد صوبوا الدبابة باتجاهك يا أبي تراجع وإلا سيرمونك بالرصاص.
صوت:- احذر أرجوك احذر (صوت أطلاقات كثيفة, الرجل هنا يلقي بنفسه على الأسلاك التي في المقدمة).
رجل يقف في مؤخرة المسرح يتجه نحو المقدمة
صوت:-احذر يا أخي
صوت آخر:- لاتتقدم
صوت الرجل :- احذر أمامك أسلاك شائكة.
ً تمت.
الموصل 22/3/2006
معرض
تشكيلي عراقي في المغرب
