الثلاثاء، 22 سبتمبر 2009



"ريــموت كونترول"
Remote control" "

تأليف:- عباس عبد الغني

















المسرح فضاء واسع ,عبارة عن ساحة التحرير التي تحتوي على نصب الحرية المكون من تماثيل معلقة عدة يمثل كل منها فكرة ما,احدها يمثل الجندي, والآخر المرأة وتمثال يمثل البنت , تفتح الستارة على موسيقى تتحرك ثلاث تماثيل من نصب الحرية بردائهم الأسود بحركات تشبه حركات الرجل الآلي ومن ثم يبدؤون بالمبارزة بالسيوف, ثم مع تغير الموسيقى تتغير حركاتهم لتصبح كأنهم بدؤوا يحاربون بالرشاشات , ثم تدخل شخصية الريموت كونترول(عبارة عن إنسان يرتدي زياً مألوفا لنا إذ يتضمن زيه مجموعة من الأزرار الخاصة بالريموت كونترول ) ويشتد إيقاع الشخصيات بدخول الريموت كونترول وبحركة منه يجعلهم يتوقفون عن الحركة ويبدأ بالتحرك نحوهم وتفحصهم.
الريموت:- هههههههههههههه بلمسة زر واحدة مني اجعل هذا العالم يتوقف بحركة واحدة أغير جميع المشاهد ,اجعل السعيد منها حزيناً والحزين سعيداً , انقل الأخبار المفرحة منها والكارثية.... (يتقدم نحو المتلقين) مرة حين كنت جديداً وأزراري لازالت فعالة عزمت على أن اجعل المشاهد يرى كل ماهو مفرح لكن الأقدار كانت تبحر بما لااشتهي , لقد نقلت للمشاهد خبر الحرب والسلم ,أخبار الاقتصاد والرياضة ,الفن والاجتماع ,كل مايخطر ببالكم وما لايخطر على البال , وفي مرة وحيث كنت في غمرة العمل علمت أن شيئاً سيئاً سيحدث , نعم وحينها أيقنت إنني يجب أن انقل الخبر للتي أصبحت ملكاً لها نعم , ((يتحرك معه جموع الشخوص وكأنهم يقتحمون مكاناً ويحتلونه )) ((يتوقف وبحركة معينة يتوقف الشخوص)) (الريموت للمتلقين) :-كانت هي أول من امتلكتني نعم أحسست بيديها وهي تحتضنني فاستجبت لكل إيعاز منها وإنا راضخ ومستسلم لها بكل جوارحي وحين كنت معها ولوحدنا وكان أطفالها برفقة أبيهم في الملجأ الذي يقيهم من شر الغزاة تلقيت إيعازا منها ونقلت لها خبر قصف


الملجأ فقذفتني بعيدا وخرجت من المنزل وعندما عادت علمت أنها فقدتهم جميعا في ليلة واحدة ومرة الأيام والذكرى التي جمعتني بعائلتها لم تمح من ذاكرتها وكل ليلة اعتزم أن أعطي إيعازا مني أن اعرض لها ذكرياتها مع عائلتها وبعد أن انهي عرض الفلم الذي يجمعها بعائلتها أعطي إيعازا لإطفاء الجهاز ومن ثم تنهض هي لتذهب وتطمئن إن كان الأطفال قد ناموا أم لا وبالفعل كنت اسمعها تغني لهم بصوتها الملائكي الذي ملأ رواق البيت كله بأجمل إحساس وأجمل مشاعر صادقة كانت ترقص و تغني لهم كل ليله بعد أن تذهب إلى أسرتهم الفارغة وتبدأ بتغطيتهم وكأنهم لازالوا معها في المنزل وتغني لهم(موسيقى ورقصة ثم يحمل الشخوص الأربعة بلاجوكترات ويدورون حول الريموت كونترول )..........
الريموت كونترول :- ثلاثة أطفال مع أبيهم رحلوا بعيدا عن المنزل , وحلقت أرواحهم بعيدا ...بعيدا عنا ...كانت أمهم تدعوا الله أن يوفق ولدها الأكبر عثمان في امتحان يوم غد وكذلك تدعو لولدها علي إن يحفظه الله من كل مكروه فهو كذلك يذهب إلى المدرسة التي تبعد عن المنزل بنحو 5 كيلومترات ومن ثم تلعب بشعر ابنتها وتقول لها لقد أصبحت فاتنة يا ابنتي وستكونين عروسة وسأرقص في عرسك واغني أجمل الأغاني إنني فرحة اليوم اشد الفرح وقلبي يرقص وأريد أن أملا العالم فرحا كفرحي هذا(يكرر الحوار)...وبعدها تدخل غرفتها وتبدأ بوضع الماكياج تبرجا لزوجها الذي أحبها حبا كبيرا وكذلك هي فعلت لكنها عند دخولها غرفتها تتفاجأ بعدم وجود احد سواها في هذا المنزل فحالها كحال مليون امرأة ثكلى تندب كل ليلة حظها وتناجي وحدتها مع ربها وتصيح بأعلى صوتها وا ولداه وا زوجاه وا أرضاه واعراقاه(يسقط مع نهاية الموسيقى).وعندما نمت تلك الليلة وجدت نفسي في مكان آخر وبيت آخر هذه المرة بدأت أحس أن أيد قوية تمسكني وتعصرني ثم يتقاذفوني هنا وهناك (يتحرك ويقفز على مساحة المسرح ككل حيث يتقاذفه الشخوص الأربعة ظهرهم عليه ويعصرونه) وفجأة وحين كان الجميع يغط في نوم عميق حصل انفجار كبير إنه اكبر من أصفه لم اعد أرى أحدا جنبي كل شيء أحيل إلى دمار دمار ولاشيء غير الدمار .(موسيقى ...يسقط) ( وعند نهوضه ).
الريموت:- (يحاول أن يتلمس أزراره) يا الهي أين أنا الآن؟؟؟ أين انتم ؟ أيقنت حينها إني أنا الريموت كونترول الذي كنت مبرمجاً على التحدث بلغات كثيرة قد تم برمجتي إلى اللغة العربية فقط وهذا كان سبباً رئيساً وذريعة كبرى للهجوم علي تم إحاطتي من جميع الجهات ( يتحرك الشخوص ويحيطون به)
الشخصية الأولى:-أنت عربي؟ سألقنك درسا لن تنساه أيها العربي.
الثانية:- لقد سئمنا منك ومن أمثالك.
الثالثة:- انتم سببتم لنا كل المآسي .
الريموت : (يصرخ) نـــــعم أنا عربي ...اناعربي ..أنا ابن الحضارات .أنا ابن سومر وأشور....ابن الرافدين ..اناعربي من امرؤ ألقيس إلى الكرملي, شيمتي من حاتم الطائي وعنترة بن شداد , أنا العربي ابن الفرزدق والمتنبي , أنا العربي , ارضي مهد الرسالات والديانات ارض الأنبياء والرسل, أنا العربي, , تتهموني بأني عربي وتبرئون أنفسكم يا من كنتم السبب في إنني فقدت عائلتي وهجرت من بلدي ...(ينزل للجمهور وبيده صورة عائلته) هذه عائلتي التي لم ارث منها إلا الصور هذه عائلتي التي غادرت هذه الحياة عنوة , إنهما الملاكين سرمد وحنين كانا كل يوم يجوبون البيت بنفسهم الطفولي الذي جعل المنزل كروضة عدن التي تمتلئ محبةً وتفيض حناناً وبراءة ..غادروني في لحظة أليمة تحولت بعدها حياتي إلى الم وليس هناك إلا الألم ..ليس هناك إلا الألم (بنبرة حادة) تتهمونني بأنني عربي وانتم من قطعتم محيطات لتجعلونا في مأساة تلو المأساة(ينهض) اذهبوا واتركونا وشأننا اتركونا وشاننا (وهو ينهار ) .
الريموت:- ثم وجدت نفسي في احد الأمكنة حيث الكلام الكثير , و الضوضاء المسيطر على المكان وعندها أيقنت أنني في مقهى و إنني في مفترق طرق بين أن ارضخ أو إن انتحر (هههههههههههههه) نعم لكني اتخذت قرار أن اجعل هذه الأفواه تصمت عن الكلام ولو لفترة وجيزة وبالفعل لم التزم بالإيعاز الذي وصلني وقررت أن انقل لهم خبر دخول الغزاة بلد الرشيد وبالفعل نجحت واسكت تلك الأفواه المليئة بالكلام لكن هذه المرة الكل هجم علي لأنني لم انقل لهم خبرا مفرحا ومزقوا جسدي (يتحرك الشخوص نحوه ويبدؤون بتمزيقه وبعدها يبتعدون ويتركون الريموت طريح الأرض) (يتحدث للمتلقين) وهكذا أصبح جسدي كالخريطة المقسمة إلى دويلات كثيرة فأصبت بدوار كبير لازمني لأسابيع وبعدها وجدت نفسي في احد الورش (يتقدم احد الشخوص ويحاول أن يصلحه مع موسيقى) وبعد أن استعدت وعيي الالكتروني بدأت العمل خارج إطار البيوت والمقاهي وهنا بدأت اعمل في الهواء الطلق فلمسة مني أعطي إيعازا بانفجار مهول ولكني لم استسغ هذا العمل وخصوصا إنني كنت سببا رئيسا في مآس عدة أصابت هؤلاء الأطفال المساكين ,,والشيوخ ,والنساء اللائي مُلِئًت قلوبهن أحزاناً ( تتقدم الشخوص نحوه ويحملونه يحاول التخلص منهم وينجح ويبدأ بحركته المعهودة فيوقفهم )
الريموت:- لن تمنعوني انتم عن هذا العمل بل أنا من امنع نفسي ( يتقدم نحو الجمهور) أتظنون ولو لوهلة واحدة أنني راض عما أقوم به؟ لكني لم استطع فقد احتكمت بي أيادي قوية ارضختني لفعل أشياء لم أشأها وهنا اقتربت من مجموعة من الأطفال الذين كانوا في طريقهم إلى المدرسة وبما إنني أدركت أن وظيفتي الآن في الهواء الطلق أيقنت حينها فقط أن هؤلاء الأطفال سيموتون إن نفذت الإيعاز (موسيقى تتحرك الشخوص وكأنهم أطفال يذهبون إلى المدرسة ويتحرك معهم بحركة تشابه حركتهم الطفولية ) (يسقط ,,تتحرك الشخوص وتحيط به من كل الجهات )(ينهض).
الريموت: (مستغربا) من أرى؟ إنها الحبيبة التي احتضنتني أول مرة عندما بدأت عملي كريموت كونترول (يتحدث إلى الخيال) كيف حالكِ؟ مابكِ؟ (يدور حول المسرح) لماذا لاتردين علي يا حبيبتي ؟ قولي لي ما ذا جرى ؟(صمت) .
(للمتلقين) لم ترد علي ابداً لكنها تحركت وخرجت من المكان وعندها(تتحرك الشخوص نحوه,, ويتحركون على موسيقى ) (هذه المرة وهم يقفون على المصاطب الملاصقة لنصب الحرية)
الشخصية الأولى:- أنت من دمر برجي التجارة العالمي(وهو يدور حول الريموت).
الريموت:- أنا ؟ كلا كلا أنا (يقاطعه الثاني)
الشخصية الثانية:- أنت من سهل احتلال الغزاة لأفغانستان.
الريموت:- كلا كلا أنا لم أنفذ إلا ما أمرت به.
الشخصية الثالثة:- أنت من جعل بلد الرافدين نهشاً تلتهمه الضباع والضواري .
الريموت:- (وهو يبكي) كلا إنني نفذت التعليمات فقط .
الشخصية الأولى:- أنت من أسهم في قتل الأطفال في ملجأ العامرية.
(الشخوص الثلاثة مجتمعه):- أنت من قتل الأطفال وهم في طريقهم إلى المدرسة...أنت من الهم الحقد والبغضاء في قلوب الأخوة ففرقت بينهم وجعلتهم فرقاً وأحزابا عدة .أنت من سبب كل هذه المعاناة للأرض (يتحرك الريموت ويتجه نحو المقدمة)
الريموت:- أنا فعلا ....أنا من فعلت كل هذا (موسيقى) أنا الذي احتل القدس .أنا من احتل العراق .سلاما لك يا هارون الرشيد سلاما لنصب الحرية الذي لم تثنيه دوي أصواتهم بل بقي رمزا شامخا إلى كل من جعل من جسده عنوانا للحرية ..إلى الأمهات الثكلى آلائي نشفت دموعهن واضحين يبكين دما بدل الدموع...إلى كل من قال لا بوجه من جعلونا أصناما(يتحرك بحركة وكأنه يريد أن يقتل احد الشخصيات وفعلا تسقط الشخصيات الواحدة تلو الآخر)
( وهو يتحرك نحو احد الأمكنة الفارغة التي تمثل تمثالاً آخر من ضمن تماثيل نصب الحرية ليكون احد التماثيل )(يأتي صوت من خارج المسرح)
آكلو حتى سعف نخلك يا أبي .....وبقي جذعك الذي تلتهمه النيران
هنا سيطر الغزاة على الآبار.......ودخلوا المتاحف وسرقوا الآثار...
طوقوك يارصافي بدباباتهم ....وسرقوا منك ياسياب كل الأشعار
ملئوا طرقاتنا أسلاكا في أسلاك....وحواجز كونكريتية وأسلاك
ملئوا الطرق بالأسلاك وأي أسلاك وبغداد يا حبيبتي ألبسوك سوارا من خوف
احتلوا كربلاء وميسان وشهد عليهم أبو حنيفة النعمان .....
احتلوا الموصل الحدباء والنجف والفاو وعلى رقبة البصرة وضعوا المنشار (يسقط الريموت )

(إظلام).........................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق